أين تذهب أموال برنامج الخصخصة؟ سؤال يطرحه المصريون مع كل أزمة تتعرض لها مصر؛ حيث يعتبرون أن هذه الأموال كفيلة بالحل.. ولأن السينما تتفاعل مع الأفكار السائدة بالمجتمع حاول فيلم مصرىأن يطرح بديلا لإدارة هذه الأموال، بأن يتولى الشعب إدارتها من خلال توكيلات لشخص يختارونه لهذه المهمة، على اعتبار أن المؤسسات العامة ملك للشعب وفقا لمواد الدستور.
هذه الفكرة الكوميدية يبدو أنها وجدت طريقها للواقع من خلال قانون إدارة الأصول الذي كشف عنه الحزب الوطني الديمقراطي في مصر مؤخرا؛ حيث اعتبر خبراء استطلعت "إسلام أون لاين.نت" آراءهم أن هذا القانون هو أقرب لتلك الفكرة.
يهدف القانون إلى توزيع أسهم 160 شركة تمثل الشركات التي لم يتم خصخصتها من قطاع الأعمال العام على المواطنين المصريين بمختلف فئاتهم العمرية؛ بحيث يتسلم 41 مليون مواطن مصري، وهم إجمالي عدد سكان مصر ممن تعدوا سن الـ21 عاما، نصيبهم من تلك الأسهم، أما المواطنون الذين لم يصلوا لهذه السن فستئول قيمة أسهمهم إلى ما أسموه "صندوق الأجيال".
ويتم تجميع الأسهم في مجموعة من "الحزم" بحيث يحصل كل مواطن على واحدة منها، على أن تتضمن حزمة كل مواطن بالتساوي أسهما لشركات خاسرة وأخرى رابحة، ويختلف عدد أسهم الشركات الـ160 داخل كل حزمة وفقا لحجم ملكية الدولة؛ حيث توجد ثلاث فئات من الشركات الأولى تحتفظ الدولة بأغلبية مطلقة من أسهمها «٦٧٪» وهي الشركات الحيوية، ومنها «الألمنيوم» و«الحديد والصلب» و«الكوك» و«القومية للأسمنت» وشركات الدواء والأسمدة والسكر والصناعات التكاملية و«غزل المحلة»، كما تمتلك الدولة أغلبية «النصف + ١» في الفئة الثانية، وحصص أقلية لا تقل عن ٣٠٪ في فئة ثالثة من الشركات.
وسيتم إنشاء جهاز محترف لإدارة الأصول يكون له شخصية اعتبارية وتنقل له ملكية الشركات القابضة المنشأة التابعة لقطاع الأعمال، ويختص بتطوير وإعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال ومتابعة الشركات التي تساهم الدولة في ملكيتها، ليحصل المواطن على ربحية أسهمه في تلك الشركات بنهاية كل عام.
فلس في الأفكار
ويعتبر د.فخر الدين الفقي الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن القانون بهذه الصورة هو نوع من "الفلس في الأفكار" الذي لا يضيف جديدا، فالجهة التي ستتولى إدارة الأسهم ستكون تابعة للحكومة.
ويشبه د.الفقي هذه الجهة بالمواطن فى الفيلم، فكما تحكم هذا المواطن في عملية بيع شركات القطاع العام بحكم تملكه لتوكيلات المواطنين، ستكون هذه الجهة متحكمة في كل شيء، بما يمثل غطاء لمزيد من الاتجاه نحو سيطرة الدولة على الاقتصاد، ذلك الاتجاه الذي أثبت فشله؛ لأن الحكومة عندنا لم تكن يوما رجل أعمال ناجحا، بدليل فشل شركات قطاع الأعمال العام، التي كانت ناجحة عندما كانت في حوزة أفراد قبل أن يتم تأميمها.
ويتساءل: كيف ستدير هذه الجهة أسهم 160 شركة متنوعة التخصصات؟! مشيرا إلى أنها تجربة محكوم عليها بالفشل قبل بدايتها، وتمثل عملية خداع كبيرة سيتعرض لها المواطن المصري، الذي سيمنح 200 أو 300 جنيه في نهاية كل عام، يكون مقابلها مزيد من انسحاب الدولة من دورها في الخدمات العامة.
ولا تقتصر عيوب القانون عند هذا الحد، فسوف يعطي في رأي د.الفقي إشارة سلبية للمستثمر الأجنبي عن تغير في نهج اقتصاد السوق، وبالتالي سيضعف الاستثمارات الأجنبية، كما أنه سيفتح بابا خلفيا غير قانوني لبيع توكيلات الصكوك، فالمواطن البسيط تحت وطأة الظروف الاقتصادية الصعبة سيقبل على بيع الأسهم لآخرين غير منتظر لـ 200 أو 300 جنيه (حوالي 54 دولارا أمريكيا) يحصل عليهم في نهاية كل عام، أي سيكون الأمر أشبه بـ"معاش مبكر" يحصل عليه المواطن، كالذي حصل عليه موظفو الشركات التي تم بيعها في إطار برنامج الخصخصة.
حرية التصرف
ولا يرى الخبير الاقتصادي د.رشاد عبده في إمكانية بيع المواطن للأسهم دون انتظار لربحيتها أي مشكلة، بل إنه يطرح رؤية معاكسة لما قاله د.الفقي تطالب بأن يتم تقنينها من خلال القانون لتتم في إطار من الشرعية.
ويؤكد أنه إذا كان الهدف من القانون، كما عكست تصريحات وزير الاستثمار، هو تجنب التلميحات بالفساد التي كانت تشوب عملية بيع شركات قطاع الأعمال العام، فإن إتاحة حرية التصرف مطلوبة لمزيد من الشفافية.
ويتوقع د.عبده أن يتم إصدار هذا القانون قريبا، مشيرا إلى أن الإعلان عنه سبقه عملية إعداد بشكل سري للغاية استغرقت عامين تم خلالهما استضافة خبراء من دول أوروبا الشرقية التي نفذت نفس التجربة، وتم التمهيد له من خلال الحملة الإعلانية "سهم في الإيد أنت مالك ومستفيد" التي بثت خلال شهر رمضان الماضي.
ضبابية
لكن د.إسماعيل شلبي أستاذ الاقتصاد بجامعة الزقازيق يستبعد أن يكون الإعداد للقانون قد استغرق عامين؛ لأن فكرته لا يزال يشوبها ضبابية وعدم وضوح، مشيرا إلى أن هناك بعض الأمور الهامة التي كان ينبغي حسمها قبل الإعلان عنه، مثل: ما هي القطاعات الإستراتيجية التي ستحتفظ الدولة بالنسبة الأكبر من ملكية أسهمها؟
ولا يخفي د.شلبي قلقله من أن يتم تحديد هذه القطاعات بطريقة تهدف إلى الإسراع بعملية الخصخصة، فبعض الشركات الحكومية في قطاعات تتسم بالحساسية قد يتم تصنيفها على أنها من الشركات التي سيتملك فيها الأفراد نسبة كبيرة، مما ييسر عملية اتخاذ قرار بالخصخصة دون وجود اعتراضات من الرأي العام، كشركات الدواء مثلا.
كما أن آلية التنفيذ وتوقيته كان يجب الإعلان عنها بشكل واضح أيضا؛ حتى لا يفسر البعض القانون على أنه مجرد دعاية سياسية، وهو أمر لا يستبعده د.شلبي في ظل حالة الضبابية التي تشوبه.
فكرة بديلة
ويبدو أن هناك اختلافا في مدى قناعة الخبراء بفكرة القانون، وأثر ذلك بالقطع على مدى تحمسهم لطرح البدائل، ففي حين رأى د. رشاد أن فكرته جيدة ويمثل وقاية من شبهة "الفساد" التي تنتاب عملية بيع شركات القطاع العام، استبعد د.الفقي أن يؤدي هذا الدور في ظل وجود هيئة تابعة للحكومة تدير الأسهم، وقال إن الشكل التقليدي للخصخصة كان ملائما بشرط أن يكون هناك شفافية ووضوح في تقييم أصول الشركات المباعة وأن تصب آثار قيمتها بشكل واضح في اتجاه تحسين الخدمات التي يتمتع بها المواطنون.
أما د.إسماعيل شلبي فقد اعتبر أن فكرة حصول المواطنين على أسهم دون مقابل غير قانونية، وأوضح أن الفكرة القانونية التي طالما نادينا بها هي أن يتملك العاملون بالشركات أسهما بها نظير مبلغ يستقطع منهم شهريا، ويكون لأبنائهم أولوية التعيين بها، وبذلك يكون هناك انتماء أسري للشركة يصب في صالح زيادة الإنتاج.
منقول مع التعديل
هذه الفكرة الكوميدية يبدو أنها وجدت طريقها للواقع من خلال قانون إدارة الأصول الذي كشف عنه الحزب الوطني الديمقراطي في مصر مؤخرا؛ حيث اعتبر خبراء استطلعت "إسلام أون لاين.نت" آراءهم أن هذا القانون هو أقرب لتلك الفكرة.
يهدف القانون إلى توزيع أسهم 160 شركة تمثل الشركات التي لم يتم خصخصتها من قطاع الأعمال العام على المواطنين المصريين بمختلف فئاتهم العمرية؛ بحيث يتسلم 41 مليون مواطن مصري، وهم إجمالي عدد سكان مصر ممن تعدوا سن الـ21 عاما، نصيبهم من تلك الأسهم، أما المواطنون الذين لم يصلوا لهذه السن فستئول قيمة أسهمهم إلى ما أسموه "صندوق الأجيال".
ويتم تجميع الأسهم في مجموعة من "الحزم" بحيث يحصل كل مواطن على واحدة منها، على أن تتضمن حزمة كل مواطن بالتساوي أسهما لشركات خاسرة وأخرى رابحة، ويختلف عدد أسهم الشركات الـ160 داخل كل حزمة وفقا لحجم ملكية الدولة؛ حيث توجد ثلاث فئات من الشركات الأولى تحتفظ الدولة بأغلبية مطلقة من أسهمها «٦٧٪» وهي الشركات الحيوية، ومنها «الألمنيوم» و«الحديد والصلب» و«الكوك» و«القومية للأسمنت» وشركات الدواء والأسمدة والسكر والصناعات التكاملية و«غزل المحلة»، كما تمتلك الدولة أغلبية «النصف + ١» في الفئة الثانية، وحصص أقلية لا تقل عن ٣٠٪ في فئة ثالثة من الشركات.
وسيتم إنشاء جهاز محترف لإدارة الأصول يكون له شخصية اعتبارية وتنقل له ملكية الشركات القابضة المنشأة التابعة لقطاع الأعمال، ويختص بتطوير وإعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال ومتابعة الشركات التي تساهم الدولة في ملكيتها، ليحصل المواطن على ربحية أسهمه في تلك الشركات بنهاية كل عام.
فلس في الأفكار
ويعتبر د.فخر الدين الفقي الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن القانون بهذه الصورة هو نوع من "الفلس في الأفكار" الذي لا يضيف جديدا، فالجهة التي ستتولى إدارة الأسهم ستكون تابعة للحكومة.
ويشبه د.الفقي هذه الجهة بالمواطن فى الفيلم، فكما تحكم هذا المواطن في عملية بيع شركات القطاع العام بحكم تملكه لتوكيلات المواطنين، ستكون هذه الجهة متحكمة في كل شيء، بما يمثل غطاء لمزيد من الاتجاه نحو سيطرة الدولة على الاقتصاد، ذلك الاتجاه الذي أثبت فشله؛ لأن الحكومة عندنا لم تكن يوما رجل أعمال ناجحا، بدليل فشل شركات قطاع الأعمال العام، التي كانت ناجحة عندما كانت في حوزة أفراد قبل أن يتم تأميمها.
ويتساءل: كيف ستدير هذه الجهة أسهم 160 شركة متنوعة التخصصات؟! مشيرا إلى أنها تجربة محكوم عليها بالفشل قبل بدايتها، وتمثل عملية خداع كبيرة سيتعرض لها المواطن المصري، الذي سيمنح 200 أو 300 جنيه في نهاية كل عام، يكون مقابلها مزيد من انسحاب الدولة من دورها في الخدمات العامة.
ولا تقتصر عيوب القانون عند هذا الحد، فسوف يعطي في رأي د.الفقي إشارة سلبية للمستثمر الأجنبي عن تغير في نهج اقتصاد السوق، وبالتالي سيضعف الاستثمارات الأجنبية، كما أنه سيفتح بابا خلفيا غير قانوني لبيع توكيلات الصكوك، فالمواطن البسيط تحت وطأة الظروف الاقتصادية الصعبة سيقبل على بيع الأسهم لآخرين غير منتظر لـ 200 أو 300 جنيه (حوالي 54 دولارا أمريكيا) يحصل عليهم في نهاية كل عام، أي سيكون الأمر أشبه بـ"معاش مبكر" يحصل عليه المواطن، كالذي حصل عليه موظفو الشركات التي تم بيعها في إطار برنامج الخصخصة.
حرية التصرف
ولا يرى الخبير الاقتصادي د.رشاد عبده في إمكانية بيع المواطن للأسهم دون انتظار لربحيتها أي مشكلة، بل إنه يطرح رؤية معاكسة لما قاله د.الفقي تطالب بأن يتم تقنينها من خلال القانون لتتم في إطار من الشرعية.
ويؤكد أنه إذا كان الهدف من القانون، كما عكست تصريحات وزير الاستثمار، هو تجنب التلميحات بالفساد التي كانت تشوب عملية بيع شركات قطاع الأعمال العام، فإن إتاحة حرية التصرف مطلوبة لمزيد من الشفافية.
ويتوقع د.عبده أن يتم إصدار هذا القانون قريبا، مشيرا إلى أن الإعلان عنه سبقه عملية إعداد بشكل سري للغاية استغرقت عامين تم خلالهما استضافة خبراء من دول أوروبا الشرقية التي نفذت نفس التجربة، وتم التمهيد له من خلال الحملة الإعلانية "سهم في الإيد أنت مالك ومستفيد" التي بثت خلال شهر رمضان الماضي.
ضبابية
لكن د.إسماعيل شلبي أستاذ الاقتصاد بجامعة الزقازيق يستبعد أن يكون الإعداد للقانون قد استغرق عامين؛ لأن فكرته لا يزال يشوبها ضبابية وعدم وضوح، مشيرا إلى أن هناك بعض الأمور الهامة التي كان ينبغي حسمها قبل الإعلان عنه، مثل: ما هي القطاعات الإستراتيجية التي ستحتفظ الدولة بالنسبة الأكبر من ملكية أسهمها؟
ولا يخفي د.شلبي قلقله من أن يتم تحديد هذه القطاعات بطريقة تهدف إلى الإسراع بعملية الخصخصة، فبعض الشركات الحكومية في قطاعات تتسم بالحساسية قد يتم تصنيفها على أنها من الشركات التي سيتملك فيها الأفراد نسبة كبيرة، مما ييسر عملية اتخاذ قرار بالخصخصة دون وجود اعتراضات من الرأي العام، كشركات الدواء مثلا.
كما أن آلية التنفيذ وتوقيته كان يجب الإعلان عنها بشكل واضح أيضا؛ حتى لا يفسر البعض القانون على أنه مجرد دعاية سياسية، وهو أمر لا يستبعده د.شلبي في ظل حالة الضبابية التي تشوبه.
فكرة بديلة
ويبدو أن هناك اختلافا في مدى قناعة الخبراء بفكرة القانون، وأثر ذلك بالقطع على مدى تحمسهم لطرح البدائل، ففي حين رأى د. رشاد أن فكرته جيدة ويمثل وقاية من شبهة "الفساد" التي تنتاب عملية بيع شركات القطاع العام، استبعد د.الفقي أن يؤدي هذا الدور في ظل وجود هيئة تابعة للحكومة تدير الأسهم، وقال إن الشكل التقليدي للخصخصة كان ملائما بشرط أن يكون هناك شفافية ووضوح في تقييم أصول الشركات المباعة وأن تصب آثار قيمتها بشكل واضح في اتجاه تحسين الخدمات التي يتمتع بها المواطنون.
أما د.إسماعيل شلبي فقد اعتبر أن فكرة حصول المواطنين على أسهم دون مقابل غير قانونية، وأوضح أن الفكرة القانونية التي طالما نادينا بها هي أن يتملك العاملون بالشركات أسهما بها نظير مبلغ يستقطع منهم شهريا، ويكون لأبنائهم أولوية التعيين بها، وبذلك يكون هناك انتماء أسري للشركة يصب في صالح زيادة الإنتاج.
منقول مع التعديل